مقاربات في فلسفة النهضة الحسينية

( دراسة تحليلية نقدية لمقاربة الشهادة السياسية)

الملخص

يتناول هذا البحث دراسة رؤية "الشهادة السياسية" التي قدّمها بعض علماء الإمامية المعاصرين في تفسير فلسفة الحركة الحسينية. تقوم هذه الرؤية على أن الهدف الأول والأساس لحركة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه هو "المشروع الاستشهادي"، وأن الغاية من هذه الشهادة ذات أبعاد سياسية كبرى. يرى بعضهم أن الهدف يتمثل في فضح الدولة الأموية، وزعزعة أركانها، وتقويض سلطانها، وهو ما تحقق فعليًا بسقوطها لاحقًا. بينما يذهب آخرون إلى أن الهدف كان المطالبة بالإمامة الإلهية، وذلك من خلال التضحية، رابطين بين واقعة عاشوراء ويوم الغدير. وهناك من يرى أن الغاية هي إيقاظ وعي الأمة، وتحريك مسؤوليتها العملية تجاه الانحراف السياسي الكبير الذي بلغ ذروته في العهد اليزيدي، بعد حالة موت الإرادة التي أصابت الأمة.

تهدف هذه الدراسة إلى البحث في المنهجية المعرفية لمقاربة الشهادة السياسية، ودراسة الأدلة والشواهد التي استندت إليها هذه الرؤية. وتشكل هذه الدراسة القسم الثاني من مشروع بحثي أوسع؛ إذ تناولنا في القسم الأول الجانب التاريخي لمقاربة الشهادة السياسية، وأجرينا مقارنة بينها وبين بقية التفسيرات الأخرى. وقد خلصنا هناك إلى أن مقاربة الشهادة في أصلها ترجع للسيد على ابن طاووس، اما الشهادة ذات التوجه السياسي فهي ليس قديمة في الفكر الإمامي، بل ترجع بدايات الكتابة فيها إلى ما طرحه المستشرق الألماني "المسيو مارتين" في بدايات القرن العشرين، ثم انتشرت في كتب الامامية.

أما النتيجة التي توصّلنا إليها في هذا القسم الثاني، فهي أن هذه الرؤية غير صحيحة من منظور المنهج العقلي الكلامي،  فضلًا عن مخالفتها للكثير من النصوص التاريخية، ومنها مجموعة خطب الإمام الحسين التي ألقاها بعد شهادة مسلم بن عقيل، وعند لقائه بجيش الحر بن يزيد الرياحي، وفي يوم العاشر من المحرم.

وقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج التاريخي المستند إلى المصادر الأولية للنهضة الحسينية، والمتمثلة بكتابات القرن الثاني الهجري، إضافة إلى المنهج التحليلي والنقدي.