دلالة الاسماء عند الصنعاني (ت 1182هـ) في كتابه العُدَّة

الملخص

ان من أعظم نِعَمِ الله على الإنسان أنْ علّمهُ البيان، وألهمه النطقَ ليجعله دلالة عمّا يريد، ولهذا قدَّمَ الله سبحانه وتعالى نعمة البيان بعد نعمة الخَلْق والإيجاد من العدم على سائر النِّعم التي عددها علينا .

      وما علم الدَّلالة إلا من البيان، به يُعرفُ معنى الكلام ودلالته، والوصول إلى مراد المتكلم، فلا يمكن معرفة دلالة لفظة إلا بالنظر إلى أصل وضعها ومن ثم السياق الذي جاءت به، والقرائن التي وردت معها، وكل هذه الأمور تصبُّ في علم الدَّلالة، ولو نظر أحدهم إلى كلمة (البِرِّ) في القرآن، لوجدَ لها أكثر من معنًى مع أن اللفظة واحدة، ولمعرفة هذا الاختلاف وجب الوقوف على علم الدلالة ليتَّضح َ الكلام وينجلي الإبهام.

      ولأهمية الحديث الشريف الذي اُوتيَ به عليه الصلاة والسلام جوامع الكَلِمِ كونه مصدر التشريع الثاني بعد القرآن؛ أولى العلماء عنايتهم به وبروايته ومعانيه ودلالته، فكان أولُّ أمرهم جمع تلك المفردات ومعانيها في معجمات، ثم وضعوا بعد ذلك قواعدَ وأصولًا غايتهم العظمى في ذلك هي الوصول إلى دلالة الكلمة المفردة والجملة المركبة، واشترك بذلك علماء اللغة وأهل الأصول، وكان جُلّ عنايتهم هو القرآن والسنة لأنهما مصدرا التشريع.