محددات سلوك الفرد السياسي ورِهانات ممارسته في الليبراليات المعاصرة

الملخص

   هناك جملة من المواقف يتولد لدى كل الفرد في ثنايا حياته بشكل عام، وحياته السياسية بشكل خاص، وهذه المواقف هي موجه نشاطات وأفعال الأفراد التي يشكل مفهوم السلوك السياسي. وهذا السلوك متجسد في أعمال وتصرفات متنوعة تجاه ما تحيط بالفرد من مؤسسات وأشخاص جماعات وبنيات أخرى، ونظرًا لأن المواقف السياسية تتحكمها جملة محددات مختلفة رئيسة، عليه فأن ممارسة الفرد لسلوكه السياسي يخضع بالأخرى لتلك المحددات التي تشكل الثقافة السياسية والمحيط الاجتما اقتصادي والأفكار والأيديولوجيات من أهمها.

   في الإرتباط بواقع ممارسة الفرد لسلوكه السياسي في المجتمعات الليبرالية المعاصرة، ولا سيما المتقدمة منها، فإننا نجد بأن تلكم المحددات قد تحولت إلى رِهانات فعلية مقيّدة لهذه الممارسة، وسبب ذلك تكمن في أن الأنظمة السياسية السائدة فيها قد عملت ومنذ نشأتها على صياغة هذه المحددات على نحو يتفق ويخدم مصالح الطبقة الحاكمة فيها، مما ساهمت في جعلها ذات خصائص ومميزات غير مشجعة وغير بناءة لقسم كبير من أفراد مجتمعاتهم في ممارستهم لنشاطاتهم وفعالياتهم السياسية. لهذا نجد بأن الآليات الرئيسة لممارسة الحياة الديمقراطية في تلك الليبراليات ولا سيما الآلية الإنتخابية والاحزاب السياسية، بدل من أن تساهم في تعزيز وتقوية ممارسة أفراد هذه المجتمعات لسلوكهم السياسي بحيث تعمل على تنميته(هذا السلوك) في إتجاهه السليم كمشارك حقيقي وفعلي في إدارة شؤون مجتمعه بأبعادها المختلفة.